ويشترك التلاميذ بمختلف مستوياتهم الدراسية في الابتدائي والثانوي، كما العائلات أيضا سواء في المدن أو القرى، في معاناتهم التي تتجدد عند بداية الدخول المدرسي كل عام، الشيء الذي دفع العديدين إلى المطالبة بالتخفيف من تضخم المواد والمقررات، ما يعني الحد من المصاريف المالية، فضلا عن الاهتمام بالكيف أكثر من الكم في التعليم العمومي والخاص على السواء.
استنزاف الجيوب
وتتكرر معاناة مريم، أم لطفلين يدرسان في مدرسة عمومية بالرباط، عند الدخول المدرسي لهذا العام تماما مثل السنوات المنصرمة، حيث تعترف بأن زوجها لم تعد لديه القدرة الكافية لتدبير مصاريف مستلزمات ابنيها معا خاصة لدى اقتناء الكتب والملابس الجديدة للدخول المدرسي.
وقالت مريم، في تصريحات لهسبريس، إن زوجها كان يلجأ في ما مضى إلى القرض البنكي لشراء حاجيات المدرسة من دفاتر وكتب ومحافظ وملابس، غير أنه من فرط اقتراضه أضحى يدور في حلقة مفرغة حتى أنه لا كياد ينتهي من قرض حتى يبدأ في آخر.
المعاناة نفسها تحكي عنها حنان، أم لثلاثة أطفال يدرسون في مدارس خاصة، حيث قالت لهسبريس إنه رغم الراتب المتوسط لزوجا الموظف لكن ذلك لا يكفي لسد حاجيات ومستلزمات أبنائها في المدرسة، خاصة أداء "واجبات" التسجيل والتأمين وأيضا الانخراط في السيارة التي تقلهم من البيت إلى المدرسة، مبدية استغرابها أن هذا حال زوجها الذي يتقاضى راتبا محترما، فكيف بمن راتبه أقل أو من لا راتب قار له أصلا.
معاناة التلاميذ
ويعاني التلميذ بدوره لدى بداية كل دخول مدرسي، ليس لأنه يتحمل الأعباء المادية للمدرسة فذلك يتكفل بها رب الأسرة، بل لأنه يشعر بالصعوبات المختلفة التي تعترض طريقه، سواء كان تلميذا في الابتدائي أو الثانوي، في المدينة أو في القرية.
هيثم، 8 سنوات وتلميذ في مدرسة خاصة، قال لهسبريس إنه يجد صعوبة بالغة في حمل محفظته المليئة بالكتب والدفاتر، حتى أن ظهره يعاني كثيرا من ثقل ما يضعه عليه حيث احدودب فقط في ثلاث سنوات من الدراسة الابتدائية، الأمر الذي دفع أمه إلى أن تعرضه على طبيب أخصائي في العظام الذي نصحها بأن يبتعد عن حمل الأثقال، وهو ما باتت تقوم به حيث تحمل عنه محفظته ذهابا وإيابا من المنزل إلى المدرسة.
أما بالنسبة لتلاميذ القرى والبوادي فمعاناتهم في بداية الدخول المدرسي تكمن أساسا في بُعد المدرسة عن محلات سكناهم، وهو ما يجعلهم يتوزعون إلى فئتين، الأولى تكابد وتصبر حيث تقطع المسافات الطويلة من أجل متابعة دراستهم، بينما "ينهزم" البعض الآخر أمام هذه الصعوبات التي تؤرقهم، فيتخلون عن حقهم في الدراسة الذي لم تضمنه الدولة لهم كما ينبغي.
هواجس الدخول المدرسي
وبالنسبة لمحمد الصدوقي، الأخصائي التربوي، فإن معيقات وصعوبات الدخول المدرسي بالنسبة للتلاميذ والأسر تختلف حسب اختلاف انتماءاتهم الطبقية؛ أغنياء أو فقراء، والمجالية؛ قرية أو مدينة، وباختلاف الأسلاك الدراسية بالنسبة للتلاميذ.
وأجمل الصدوقي، في تصريحات لهسبريس، بعض معيقات وصعوبات الدخول المدرسي في ما يلي:
بالنسبة لتلاميذ الابتدائي هناك مشاكل الخوف من المدرسة بالنسبة لتلاميذ السنة الأولى؛
وهناك مشكل ثقل المحفظة المدرسية لكثرة المستلزمات المدرسية، وخصوصا الكتب، نظرا لكثرة المواد الدراسية وتضخم المقررات، مما يجد معه بعض التلاميذ الصغار صعوبة في حملها، ويجعل الآباء مضطرين لحملها ومصاحبة أبنائهم يوميا إلى المدرسة؛
وهناك مشكلة بُعد المدرسة عن مقر السكن، مما يسبب أحيانا في الهدر المدرسي، سيما معاناة وخطورة هذا البُعد على تلامذة العالم القروي في فصلي الشتاء والصيف...
واستطرد الصدوقي بأنه بالنسبة لتلامذة الثانوي هناك معاناة حقيقية لتلاميذ العالم القروي مع مشكل إيجاد مكان في الداخليات نظرا لمحدودية عددها أمام الطلب المتزايد؛
كما أن هناك مشكل بُعد المؤسسة التعليمية عن مقر السكن مما يسببه من لمعاناة وخطورة على التلاميذ أثناء التنقل، وأمام هذين المشكلين تضطر الكثير من الأسر من توقيف أبنائها عن الدراسة خصوصا الإناث منهم.
وقال الصدوقي بأنه بالنسبة للأسر الفقيرة منها والمتوسطة التي لديها أكثر من ابن متمدرس، فإنها تعيش معاناة مع المصاريف الكثيرة، والباهظة أحيانا لتمدرس أبنائها سيما في التعليم الخصوصي، من قبيل كثرة الكتب والدفاتر والأدوات والأوراق، وكثرة الواجبات المدرسية من تأمين ودفتر مدرسي ودفتر صحي وجمعية الآباء وجمعية التعاون المدرسي بالنسبة للابتدائي، وواجبات التسجيل، وتأمين وجمعية اللآباء والجمعية الرياضية وغيرها بالنسبة للثانوي.
رفع المعاناة
وخلص الصدوقي إلى أنه من أجل تحقيق مبدأي الإنصاف والمساواة بين أبناء المغاربة، والحق في الخدمات العمومية المجانية؛ ومنها التمدرس؛ ومحاربة الهدر المدرسي وتعميم التمدرس والاحتفاظ، يجب أن تعمل الوزارة على رفع المعاناة والصعوبات عن الأسر وأبنائها المتمدرسين، وذلك من خلال التخفيف من تضخم المواد والمقررات، وبالتالي من ثقل المحفظة والمصاريف.
وشدد الباحث على ضرورة الاهتمام أكثر بالكيفي والنوعي والنافع لمستقبل التلاميذ والبلاد على مستوى المناهج والبرامج والكتب المدرسية، والعمل على أن تتحمل الدولة مسؤولياتها كاملة في التطبيق الفعلي لمجانية التعليم، من خلال إعفاء الأسر من كل الواجبات المدرسية المؤدى عنها، والإسراع في توفير العرض التربوي الملائم والمساير للطلب التربوي المرتفع، خصوصا خدمات الإيواء والإطعام والنقل، وتقريب المؤسسات التعليمية من التلاميذ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
لو اعجبك الموضوع انتظر تعليقك ، شآركنا برآيك لا تقرا فترحل